هدنة بين أميركا والحوثيين لا تشمل إسرائيل هل تخلى ترامب عن نتنياهو الظهيرة
هدنة بين أميركا والحوثيين لا تشمل إسرائيل: هل تخلى ترامب عن نتنياهو الظهيرة؟
انتشر مؤخراً على موقع يوتيوب فيديو بعنوان هدنة بين أميركا والحوثيين لا تشمل إسرائيل هل تخلى ترامب عن نتنياهو الظهيرة؟ (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=S9t6k09RqFo). يثير هذا العنوان تساؤلات جوهرية حول طبيعة العلاقات الأمريكية الإقليمية، وتحديداً فيما يتعلق بالدور الأمريكي في اليمن، وعلاقاتها المتشابكة مع كل من جماعة الحوثي وإسرائيل، فضلاً عن مصير التحالفات التقليدية، وخاصة العلاقة الوثيقة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تحليل هذا العنوان يتطلب تفكيك عناصره الرئيسية ومناقشة كل منها على حدة: أولاً، مسألة الهدنة بين أمريكا والحوثيين، ثم استثناء إسرائيل من هذه الهدنة، وأخيراً، التساؤل حول تخلي ترامب المحتمل عن نتنياهو. هذه العناصر الثلاثة مرتبطة ببعضها البعض وتشكّل صورة معقدة للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
الهدنة بين أمريكا والحوثيين: سياق الصراع اليمني
الصراع اليمني، الذي دخل عامه التاسع، هو حرب بالوكالة معقدة تشارك فيها قوى إقليمية ودولية متعددة. تدعم الولايات المتحدة تقليدياً الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بينما تتهم السعودية وإيران بدعم أطراف النزاع المختلفة. جماعة الحوثي، التي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء، تمثل تحدياً كبيراً للحكومة الشرعية وللمصالح السعودية والأمريكية في المنطقة.
على الرغم من الدعم الأمريكي للحكومة اليمنية، إلا أن الولايات المتحدة، عبر قنوات مختلفة، تجري اتصالات غير مباشرة مع الحوثيين. تهدف هذه الاتصالات إلى تحقيق الاستقرار في اليمن، وتقليل التصعيد العسكري، وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بأمن الملاحة في البحر الأحمر ومكافحة الإرهاب. الهدنة المقترحة بين أمريكا والحوثيين، إذا صحت، قد تكون خطوة في هذا الاتجاه، وتسعى إلى تجميد العمليات العسكرية وخلق بيئة مواتية للمفاوضات السياسية.
ومع ذلك، فإن مثل هذه الهدنة تثير تساؤلات حول مدى جدية الولايات المتحدة في دعم الحكومة اليمنية الشرعية، وما إذا كانت مستعدة للتخلي عن بعض المطالب والشروط مقابل تحقيق الاستقرار المؤقت. كما أنها تثير مخاوف لدى حلفاء أمريكا في المنطقة، خاصة السعودية والإمارات، اللتين تقودان التحالف العسكري الداعم للحكومة اليمنية، من أن أمريكا قد تتخلى عنهم وتتعامل بشكل مباشر مع الحوثيين.
استثناء إسرائيل من الهدنة: دلالات ورسائل
العنصر الثاني في عنوان الفيديو هو استثناء إسرائيل من الهدنة المقترحة. هذا الاستثناء يحمل دلالات ورسائل متعددة. أولاً، يؤكد على أن الولايات المتحدة تنظر إلى الصراع اليمني باعتباره قضية منفصلة عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأنها لا تربط بينهما. ثانياً، يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تعتبر إسرائيل طرفاً مباشراً في الصراع اليمني، وأنها لا تسعى إلى حماية إسرائيل من أي هجمات محتملة من جانب الحوثيين من خلال هذه الهدنة. ثالثاً، قد يكون هذا الاستثناء بمثابة رسالة إلى الحوثيين بأن الولايات المتحدة لا تنوي حماية إسرائيل بأي ثمن، وأنها لن تتدخل إذا شن الحوثيون هجمات على إسرائيل.
ومع ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن الحوثيين، على الرغم من انخراطهم في الصراع اليمني، يعلنون بشكل دائم عن دعمهم للقضية الفلسطينية ومعارضتهم لإسرائيل. وبالتالي، فإن استثناء إسرائيل من الهدنة قد يكون مجرد تحصيل حاصل، أو قد يكون محاولة من جانب الولايات المتحدة لتهدئة مخاوف الحوثيين وإقناعهم بالموافقة على الهدنة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تفسير هذا الاستثناء على أنه رسالة ضمنية إلى إسرائيل بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بأمنها، وأنها ستدافع عنها إذا تعرضت لأي هجوم، بغض النظر عن الهدنة المقترحة مع الحوثيين. هذه الرسالة مهمة بشكل خاص في ظل التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين.
تخلي ترامب المحتمل عن نتنياهو: نهاية عصر التحالف الوثيق؟
العنصر الثالث والأخير في عنوان الفيديو هو التساؤل حول تخلي ترامب المحتمل عن نتنياهو. خلال فترة رئاسته، أقام ترامب علاقة وثيقة للغاية مع نتنياهو، وقدم له دعماً غير مسبوق على الساحة الدولية. اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وانسحب من الاتفاق النووي الإيراني، وكلها خطوات كانت محل ترحيب كبير من قبل نتنياهو وحكومته.
ومع ذلك، بعد خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2020، وتولي جو بايدن الرئاسة، تغيرت الأمور. على الرغم من أن بايدن أكد على التزامه بأمن إسرائيل، إلا أنه تبنى موقفاً أكثر انتقاداً لسياسات نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. كما أنه سعى إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة.
في هذا السياق، فإن التساؤل حول تخلي ترامب المحتمل عن نتنياهو قد يكون مبالغاً فيه. على الرغم من أن ترامب لم يعد في السلطة، إلا أنه لا يزال شخصية مؤثرة في الحزب الجمهوري وفي السياسة الأمريكية بشكل عام. كما أنه لا يزال يحافظ على علاقات وثيقة مع العديد من الشخصيات البارزة في إسرائيل، بمن فيهم نتنياهو. لذلك، فمن غير المرجح أن يتخلى ترامب عن نتنياهو بشكل كامل، حتى لو كان هناك بعض الخلافات بينهما.
ومع ذلك، فإن فكرة أن ترامب قد يتخلى عن نتنياهو تثير تساؤلات مهمة حول طبيعة التحالفات في السياسة الدولية. التحالفات ليست دائمة، ويمكن أن تتغير بناءً على الظروف والمصالح المتغيرة. حتى أقوى التحالفات يمكن أن تتعرض للتوترات والخلافات، وقد تنهار في نهاية المطاف. وبالتالي، يجب على جميع الدول أن تكون مستعدة للتكيف مع التغيرات في التحالفات، وأن تسعى إلى بناء علاقات قوية ومتينة مع مجموعة متنوعة من الشركاء.
الخلاصة
في الختام، الفيديو الذي يحمل عنوان هدنة بين أميركا والحوثيين لا تشمل إسرائيل هل تخلى ترامب عن نتنياهو الظهيرة؟ يثير تساؤلات مهمة حول السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وعلاقاتها المتشابكة مع كل من جماعة الحوثي وإسرائيل. الهدنة المقترحة بين أمريكا والحوثيين، إذا صحت، قد تكون خطوة نحو تحقيق الاستقرار في اليمن، ولكنها تثير أيضاً مخاوف لدى حلفاء أمريكا في المنطقة. استثناء إسرائيل من الهدنة يحمل دلالات ورسائل متعددة، وقد يكون محاولة لتهدئة مخاوف الحوثيين أو لتأكيد التزام أمريكا بأمن إسرائيل. أما التساؤل حول تخلي ترامب المحتمل عن نتنياهو، فقد يكون مبالغاً فيه، ولكنه يثير تساؤلات مهمة حول طبيعة التحالفات في السياسة الدولية.
تحليل هذه القضايا يتطلب فهماً عميقاً للسياق السياسي والإقليمي والدولي، وتقييماً دقيقاً للمصالح والأهداف المختلفة للأطراف المعنية. كما يتطلب أيضاً الحذر من التبسيط والتعميم، والاعتراف بأن السياسة الخارجية الأمريكية هي عملية معقدة ومتغيرة، تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة